مطامع في الثروات الأفغانية

بعد أن بسطت طالبان سيطرتها على أراضي أفغانستان وجه العالم أنظاره إلى هذا البلد الذي يحوي ثروة هائلة من المعادن النادرة وغير المستغلة، حيث تعتبر هذه المعادن عنصراً هاماً وأساسياً لبناء اقتصاد الطاقة النظيفة العالمية والصناعة الحديثة. ومن ضمن أهم المعادن هو الليثيوم التي ارتفع الطلب عليه مؤخراً أربعون ضعفاً وهو المادة الرئيسة في تصنيع بطاريات سيارات الكهرباء والهواتف وألواح حفظ الطاقة من المصادر المتجددة كالشمس والرياح. وتعتبر الموارد الجوفية التي تحويها الأرض الأفغانية البكر من الكوبالت والنحاس والزئبق والزنك والألمنيوم والنيوداميوم والسيريوم واللانثانوم والأحجار الكريمة واليورانيوم والذهب والفضة بالإضافة لحقول النفط والغاز والفحم، والغابات لصناعة الاثاث ثروات لم يتم استغلالها بعد. ومع كل هذه الموارد تتنامى أطماع الدول والشركات العالمية في كيفية الحصول على الموارد الأفغانية وعقد الصفقات التجارية طويلة الأمد، إنه صراع سياسي اقتصادي.

إنَّ وجود المناجم والثروات في افغانستان سيحولها إلى أهم مركز تعدين عالمي، وسيغير اتجاه الأفغانيين من الزراعة وتربية المواشي إلى مستوى آخر من الاهتمامات كالصناعة والتعدين والتجارة وهذا ما يساهم في تحسين الناتج القومي المحلي الإجمالي لأفغانستان وإحداث ثورة اقتصادية للشعب الأفغاني إذا ما أحسن استغلالها بالشكل الصحيح. ويبقى التخوف العالمي مرتبط بالشراكة الصينية الأفغانية عبر استغلال الثروات الأفغانية والاستحواذ على المعادن الهامة الداخلة في الصناعات التكنولوجية من أجل اقتصاد أخضر.

عبر سنوات خلت لم تفلح الإدارة الأمريكية في استغلال الثروات الأفغانية ذلك لأن الأمر مقرون بعدم الاستقرار السياسي في كابول، وعدم وجود حكومة فاعلة، بالإضافة إلى الصراعات الداخلية والفساد والخلل البيروقراطي. أما اليوم، فالوضع الراهن في أفغانستان يحتم على الدول الصناعية إعادة ترتيب أوراقها وأولوياتها خصوصاً أن حاجة الصين للثروات الأفغانية باتت ضرورة لتطوير الصناعات التكنولوجية الصديقة للبيئة، ما يعني أن الطلب الصيني يفوق إنتاج الصين من تلك المعادن حيث أصبحت أفغانستان في هذا الصدد مورداً خصباً جديداً لتلبية تلك الاحتياجات. ويبقى الهدف الصيني في إعادة إعمار أفغانستان وتنميتها جزءً لا يتجزأ من الاستراتيجية الصينية لتطوير العلاقات والتعاون المشترك.

تتربع طالبان على بعض أهم المعادن الاستراتيجية في العالم لذا، فإن الصفقات التي سيتم إبرامها مع طالبان قد تستثني بعض الشراكات الدولية الأخرى من استغلال الثروات الهائلة في الاقتصادات الذكية والخضراء، ما يعني أن نصيب الصين على سبيل المثال قد يفوق الشراكة الأمريكية من تلك التحالفات ويشكل ضربة للاقتصاد الأمريكي وهذا ما لا ترتضيه الإدارة الامريكية. تقدر القيمة الحقيقية للثروة المعدنية في أفغانستان بحسب هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية بثلاثة تريليونات دولار، ويبقى إحكام السيطرة على الأراضي الأفغانية بشكل كامل وخاصة مواقع التعدين في الاقاليم أهمية قصوى لطالبان من أجل المضي قدماً في اتفاقات واستثمارات دولية في أراضيها.