الموازنات التقديرية والافصاحات المحاسبية في زمن الكورونا

الموازنات التقديرية والافصاحات المحاسبية في زمن الكورونا إن الآثار المترتبة على جائحة كورونا ( كوفيد – 19 ) طالت العديد من الإجراءات المحاسبية التي يتم إتباعها، ومن هذه الإجراءات هي طريقة إعداد الموازنات التقديرية التي تتم قبل بدء السنة المالية الجديدة، والافصاحات المحاسبية الضرورية لأتحاذ القرارات الصحيحة. إن اغلب المدراء الماليين يقومون بإعداد الموازنات التقديرية بالبدء بإعداد موازنة المصاريف أولاً، ومن ثم يتم إعداد موازنة الإيرادات، ولهذا نجد أحياناً أنة في حال كانت موازنة المصاريف مرتفعة يقوم المدير المالي برفع موازنة الإيرادات لتجنب أن تظهر الموازنة التقديرية بصافي عجز. إن هذه الطريق بعد أزمة كورونا وبهذه الأوضاع الاقتصادية الحالية لن تعود بالفائدة على الشركة، لا بل ستزيد من الضغط على الشركة لتحقيق الإيرادات المرتفعة التي تم وضعها بناءاً على المصروفات المرتفعة التي تم تقديرها، وأيضاً ستزيد مصاريف الشركة لان موازنة المصاريف بالأصل مرتفعة. أعتقد أن إتباع الطريقة العكسية هي الأفضل الآن، وهي أن نبدأ بتقدير الإيرادات أولاً وبصورة واقعية ومتحفظة مع مراعاة الظروف الاقتصادية الحالية وقدرة الشركة على التعامل مع هذه الظروف، ومن ثم تقسم هذه الإيرادات على موازنة المصاريف. وهنا حتماً ستكون النتائج قريبة للواقع، لان الشركة قامت بتقدير إيرادات قليلة في ظل هذه الأوضاع وبالتالي سيتم تقدير مصاريف اقل من الإيرادات لمحاولة عدم الوصول إلى حالة العجز في الموازنة، وبالتالي السيطرة على المصاريف وتحديدها بحسب الإيرادات المتحققة والتي ستكون قريبة من الإيرادات المقدرة في الموازنة التقديرية. أما بخصوص الافصاحات المحاسبية، لقد رئينا في فترة جائحة كورونا العديد من الشركات التي لم تتأثر بنسب عالية بهذه الجائحة، حيث قامت هذه الشركات بدفع رواتب الموظفين واستمرار المصاريف الرأسمالية التي كان مخطط لها قبل الجائحة، ومن هذه الشركات كان هناك فنادق تعمل في قطاع متضرر ولم تتأثر بنسب عالية بالجائحة مقارنة بالشركات التي تأثرت وأوقفت موظفيها عن العمل وخفضت نسب الضمان والرواتب عليهم إن هناك أسباب عديدة لنجاح هذه الشركات بالاستمرار في أعمالها رغم الظروف الحالية، لكن من احد أهم هذه الأسباب الهامة والتي معظم الشركات كانت غير مهتمة فيها بشكل كبير، هو طريقة الإفصاح وإتباع المبادئ والفروض المحاسبية في إعداد القوائم المالية. اعتقد أن أي مدير مالي قبل هذه الجائحة أصدر تقارير مالية لأصحاب القرار بافصاحات غير كاملة وغير دقيقة، كان هذا سبب بتأثر شركته بجائحة كورونا. إن من الافصاحات المهمة هي الإفصاح عن النقدية المقيدة والأصول المرهونة أو المقدمة كضمانات لقروض، وأيضاً الإفصاح عن رصيد المخزون الراكد أو المتقادم مثلاُ، حيث أن أغلب الشركات لا يعلم أصحاب القرار فيها عن مبلغ المخزون الراكد أو المتقادم، لان هذا المبلغ غير مفصول عن رصيد المخزون، كذلك يجب الإفصاح عن الديون قصيرة الأجل المتعثرة والالتزامات المحتملة التي بالعادة يستثنيها البعض من المدراء الماليين بحجة عدم القدرة على تقدير قيمتها بموثوقية أو أنة من غير المحتمل أن تتطلب تدفق نقدي صادر لتسديدها. إن هناك الكثير من الافصاحات المهمة التي لا تهتم بها إدارة الشركات أو المدراء الماليين والتي أدت إلى أن يقوم أصحاب القرار باتخاذ قرارات خاطئة، أثرت على الشركة وملاءتها المالية خلال جائحة كورونا. لذلك على الشركات الآن إعادة النظر في الافصاحات المحاسبية و طريقة إعداد الموازنات التقديرية التي تم أعداها لهذا العام (2020)، والعمل على تعديلها بما يتناسب مع الأحداث الحالية.