الجمارك الأردنية وإرشادات التدقيق اللاحق

أعلنت منظمة الجمارك العالمية نشر النسخة العربية من “المبادئ التوجيهية للتدقيق اللاحق” المجلد الثاني الذي ساهمت في ترجمته الجمارك الأردنية، ويأتي هذا العمل من أجل زيادة فعالية تنفيذ اتفاقية الشراكة والتعاون في الدول الأعضاء الناطقين بالعربية. إن عملية التدقيق اللاحق (PCA: The Post-Clearance Audit)  تعرف على أنها الفحص المنظم للأنظمة التجارية ذات الصلة للشركة، وعقود البيع، والسجلات المالية وغير المالية، والمخزون المادي والأصول الأخرى كوسيلة لقياس وتحسين امتثال التجار المتداولين. والغرض من التدقيق اللاحق هو قياس وتحسين امتثال التجار للجمارك والقوانين والأنظمة والتعليمات واللوائح الأخرى ذات الصلة، من خلال تطبيق نهج ما بعد التخليص القائم على المخاطر، حيث تكون الجمارك قادرة على توجيه وتخصيص موارد الرقابة المادية الخاصة بها بشكل أكثر فعالية والعمل في شراكة بشكل متسق مع مجتمع الأعمال لتحسين مستويات الامتثال وتسهيل التجارة.

إن إرشادات التدقيق اللاحق متوفرة في مجلدين، الأول منها موجه على مستوى الإدارة داخل إدارات الجمارك، والهدف منه المساعدة في تطوير وإدارة برامج التدقيق اللاحق وهذا المجلد متاح للجمهور. أما مساهمة الجمارك الأردنية نحو ترجمة المجلد الثاني ينصب على الجوانب التشغيلية لعملية التدقيق ما بعد التخليص الجمركي حيث يحتوي على إرشادات عملية وقوائم مراجعة للمسؤولين الذين يجرون عمليات التدقيق. ويبقى المجلد مقتصر على أعضاء منظمة الجمارك العالمية فقط وغير متاح للجمهور لأسباب تتعلق بالسرية.

لقد أثبتت اتفاقية الشراكة والتعاون أنها أداة أساسية لضمان فعالية الضوابط الجمركية في العديد من الجوانب بما في ذلك الامتثال لاتفاقية التقييم الجمركي لمنظمة التجارة العالمية.  إن التدقيق اللاحق يلعب دوراً في تنفيذ إستراتيجية فعالة لإدارة المخاطر الجمركية، مما يسهل على الجمارك قياس مستوى المخاطر المقابل لكل تاجر من خلال قياس الامتثال للقواعد وضبط الرقابة المستقبلية بناءً على النتيجة. من خلال تطبيق نهج ما بعد التخليص القائم على المخاطر تستطيع إدارات الجمارك أيضاً توجيه مواردها بشكل أكثر فعالية وإنشاء شراكات مربحة للجانبين، ومع التجار الذين سيُطلب منهم الامتثال الكامل والطوعي للقواعد حيث سيسهل ذلك إجراءات التخليص وبالتالي التجارة.

تختلف أنظمة الرقابة القائمة على المراجعة التي قدمتها إدارات الجمارك العالمية في النطاق والمنهجية، إلا أن الممارسات العملية أثبتت أن وجود نظام تدقيق يعزز الامتثال الكامل. يتم تشجيع الأعضاء على العمل من أجل مواءمة ممارسات التدقيق اللاحق الخاصة بهم قدر الإمكان والمتفقة مع المبادئ التوجيهية، باستخدامهم نهجاً من التجارب الفعلية المنسجمة مع التوجه الحديث للمسائل الجمركية. برأيي، إدراكاً لأهمية اتفاقية مكافحة الفساد وخلق نظام تجاري عالمي آمن ومستدام، يعتبر دور الجمارك الأردنية في تجسيد هذا العمل إسهاماً وإضافة نوعية يسجل لها في خدمة الدول العربية الأعضاء على وجه الخصوص لتعزيز التعافي والتجديد والوصول إلى سلسلة التوريد المستدامة محلياً إقليمياً ودولياً.